الآن وقد تشكلت الحكومة وقد انتهت قسمة التأليف، واتضحت المطالب، وحاجة اليمن معروفة وشروط الإنقاذ صريحة، فلم يعد أمامنا إلا الرجاء بأن تعمل هذه الحكومة على وقف الانهيار في كل مرافق الحياة، وأن يتواضع كل الأطراف ويعمل لصالح اليمن، لأن اليمن تستحق أن يضحوا لأجلها.
جميع اليمنيين يرجون من هذه الحكومة أن تحمي النظام وتحمي الدولة والناس وتحافظ على النظام العام وتقوي الدولة وتعيد الروح للاقتصاد وتحيد نفسها عن الصراعات السياسية.
الجميع يؤملون من هذه الحكومة أن تعمل على إعادة شبك الأيدي معا ، لتقوم بإنجازات يفيد منها كل مواطن وتعزيز الأمن الداخلي والوحدة الوطنية في وجه كل الحرائق المشتعلة في جسد الوطن وتجعل من عدن نموذجا للدولة الناجحة والعيش الواحد الحقيقي.
لكن الرجاء شيء والواقع شيء آخر ، كيف ستوفق هذه الحكومة بين المطالب التي لا يمكن التوفيق بينها ، فلربما اتفقوا على تشكيل الحكومة ، لكنهم لم يتفقوا على السياسة التي ستتبعها هذه الحكومة ، وبالتالي فإن الشلل سيكون مصيرها ، خاصة إذا ما نظرنا إلى القاعدة المقلوبة ، حيث يسلم سلاح الدولة إلى المليشيات ، وبدلا من القاعدة التي تقول ، إن السلاح من اختصاص الدولة ، أصبح السلاح من اختصاص المليشيا.
وتأسيسا على ذلك ، فإن الرئيس هادي يكون قد استدرج إلى إبرام اتفاق ظاهره الحفاظ على الشرعية وباطنه إسقاطها ، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ذلك الطرف الذي يعمل ضد الوحدة الوطنية وهي الحامل الرئيسي للشرعية.
وبالرغم من خطوة الرئيس وتقديم التنازلات ، فإن ذلك لم يكسر حدة الاستقطاب السياسي لدى أطراف داخل الحكومة المشكلة ، مازالوا يمارسون الابتزاز السياسي ، فكيف ستتحرك عجلة هذه الحكومة ، التي يتحدث البعض فيها عن الوحدة والحياة المشتركة ، بينما البعض الآخر منشغل في التحريض ضد الوحدة والعيش المشترك؟
وكما قلت في بداية حديثي ، إن حسابات المواطن اليمني ، تسقط كل الحسابات السلبية وتتشبث بالرجاء بمسار جديد يؤدي إلى إنجاز الاستحقاق ويطلق العمل المنتظم في مؤسسات الدولة ، ويرجو من الآن وصاعدا أن يكون عهدا جديدا في اليمن بين كل المكونات ليلتقي الجميع في وطن مزدهر مطمئن لمستقبله .
أختم بالقول أيضا ، لقد بدت هذه الحكومة في ظاهرها أنها توافقية ، لكن هذه الخدعة لم تنطل على أحد ، خاصة بعد أن أدت اليمين الدستورية في الرياض ، وسقط الزعم بالسيطرة على 75% من اليمن ، وبات واضحا أن الإقليم هو المهيمن على هذه الحكومة ، إن لم يكن هو المحرك الرئيسي لها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتواضع أولئك الذين يعملون لصالح دول خارجية ويعملون لصالح اليمن ، لأن اليمن تستحق أن يضحوا لأجلها ؟ ، فاليمن لا تتحمل حكومة مشلولة منذ بدايتها تنقل خلافات الأطراف إلى داخلها وتعطل أداءها وتسيء إلى مصالح اليمنيين.