حقيقة قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية

سعيد النخعي
الأحد ، ٢٤ يناير ٢٠٢١ الساعة ٠١:١٨ صباحاً
مشاركة

لا تعدو مسودة قرار الخارجية الأمريكية لتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية سوى واحدة من المناكفات الإعلامية التي صاحبت الانتخابات الأمريكية، وما شابها من حرب كلامية بين المرشحين؛ وصلت إلى درجة الانقسام الشعبي بين الولايات،الذي تعالت معه أصوات التشكيك في نتائج الانتخابات الأمريكية.

كانت حرب اليمن واحدة من أوراق المناكفات السياسية بين ترامب وخلفه بايدن،تمثلت في مسودة قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية،الذي أتخذه ترامب في الوقت بدل الضائع،ولم يتخذه في الوقت الأصلي من فترة ولايته،استقبلته الإدارة الجديدة،ببرود،ولم تتعاط معه بشكل جدي،من خلال فتور ردود الأفعال  للإدارة الجديدة،وهذا يؤكد إن القرار  لايعدو سوى واحدة من المناكفات بين السلف والخلف فقط.

من يقرأ القرار من زاوية توقيته لمعرفة مدى جديته،وموافقته لإجندة السياسة الأمريكية،وتوجهاتها العامة في إدارة صراع المنطقة؛ سيجده قرارًا غير جاد،من خلال عدة مؤشرات منها :

- توقيت القرار الذي بدأ وكأنه محاولة لإثارة اللغط،لتسعير الحرب الكلامية التي أتخذت طابعًا شخصيًا،تسودة حالة الرفض،والتسخط التي سيطرت على سلوكيات ترامب، وموقفه من نتائج الانتخابات الأمريكية،فإدارة ترامب التي غضت الطرف عن جرائم الحوثيين،وهي أطول إدارة عاصرت حرب اليمن،قياسًا بالإدارة التي قبلها التي لم تشهد سواء عامًا واحدًا منها،والإدارة التي ستأتي بعدها باعتبار الحرب في اليمن لن تستمر لأربع سنوات أخرى، يؤكد عدم جدية القرار،إذ لو كانت إدارة ترامب جادة في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية لاتخذت القرار في الوقت الأصلي من من فترة ولايته، وليس في الوقت بدل الضائع .

- البرود الذي قوبلت به مسودة القرار من قبل دوائر صنع القرار الأمريكي،ينفي عنه التعاطي  الجدي،لتناقضه مع اجندات السياسية الأمريكية بصفة عامة،والديمقراطية بصفة خاصة،شهدت المنطقة خلال ولايتهم السابقة اندلاع أكبر موجة صراع مسلح،ولايزال مستمرًا للأن،مما يجعل القرار خارج سياق الواقع وفقًا لحساب الإدارتين الجمهورية والديمقراطية على حد سواء.

 فلن يتخلى بايدن عرَّاب مشروع تقسيم المقسم وتجزأة المجزاء،بتعطيل مشروعة الذي بشر به قبل وصوله لكرسي البيت الأبيض،وهو على رأس الإدارة الأمريكية،لعدة أسباب أخرى أهمها:

- إن الإدارة الديمقراطية التي غضت الطرف عن أكبر موجهة صراع شهدها العالم العربي،سقطت على إثرها عددًا من الأنظمة،وما صاحبها من عنف مسلحة،وكانت الورقة الطائفية أهم الأوراق التي وظِّفت لتسعير العنف في المنطقة ،أن تتخلى عنها دون بديل يضمن استمرار الصراع ،كون الولايات المتحدة تُعدُّ أكبر المستفيدين من خلال صفقات بيع الأسلحة،وكذا مقايضاتها بالقرارات الدولية التي صاحبت إفرازاته، لإبتزاز الأنظمة العربية .

- تصنيف جماعة الحوثي المرتبطة إرتباطًا مباشرًا بإيران،كواحدة من أهم إذرع طهران الفاعلة في المنطقة،سيبدِّد مخاوف الأنظمة العربية من الخطر الإيراني،وهذا يؤكد استحالة إقدام أي إدارة إمريكية على أطلق رصاصة الرحمة لإغلاق هذا الملف الذي يرفد الخزينة الأمريكية بمليارات الدولارات.

لكن في الوقت نفسه ستعمل إدارة بايدن على إدارة الصراع بطريقة مختلفة لإحداث تغيير شكلي في مشهد الصراع الذي أصبح محرجًا للديمقراطية الغربية،نتيجة لتفاقم العنف المسلح،وتناسل جماعاته بخلفيات،ودوافع دينينة،وقومية،وسياسية،نجم عنها كوارث إنسانية لا متناهية من القتل،والمجاعة،وموجات الهجرة القسرية التي تعاني منها العواصم الغربية نفسها،لذا سيكون أقرب خيارات الإدارة الجديدة الاعتراف بسيطرة الجماعات المسلحة؛ لإعادة رسم الخارطة العربية وفقًا للأمر الواقع ،وعلى إثره سيتم تقسيم اليمن،وسورية،وليبيا،ليتحول الخطر على بقية الدول من خطر خارجي إلى خطر داخلي،من خلال  تشجيع الأقليات في بقية الدول لمحكاة نفس النموذج،وبهذا يكون بايدن قد نفذ مشروعه الذي بشر به قبل وصوله إلى سدة الحكم،ومعه ستسارع بقية الدول العربية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل،لتصفية القضية الفلسطينية،أو تحويلها -في الحد الأدنى- من قضية محورية جامعة،إلى قضية خلافية،من خلال إضعاف الدول المحورية بالتقسيم،وتحييد بقيتها بالتطبيع .

           #سعيد_النخعي

         23/يناير/2021م