مؤقت عدن!

فتحي بن لزرق
الاثنين ، ٢٥ يناير ٢٠٢١ الساعة ١٢:٢٩ صباحاً
مشاركة

الاهداء: الى "عدن" التي تحلم ان تكون ذات يوم آمنة.

في سبتمبر من العام الماضي كنت في مصر ، ليلتها كنت احث الخطى عند الساعة العاشرة مساء في طريقي الى الشقة التي اقطن بها بحي فيصل بالجيزة.

تناهى الى مسامعي صوت احدهم ينادي بأسمي..

التفت ناحية الصوت ،كان المنادي هو مدير امن عدن الحالي اللواء مطهر الشعيبي ، مد يده مصافحا وتبادلنا التحية.

كان ودودا لطيفا شديد التواضع .

قال لي :" اتابع ماتكتب ويعجبني الكثير من ذلك .

قلت له :" لي الشرف بذلك.

اردف متحدثا قائلا :" انا احب الصحافة واؤمن بحرية الرأي وتعدده .

ونحن وقوفا حكى لي "الشعيبي" انه قبل العام 2011 كان مديرا للسجن المركزي بصنعاء وجيء يومها بالصحفي "عبدالكريم الخيواني" ليقضي عقوبة سجن استمرت لأشهر وعقب خروج الخيواني من السجن كتب مقالا عن مايراها إختلالات في السجن.

يكمل "الشعيبي" والقصة على لسانه موضحا بأن موظفين في السجن قدموا اليه وهم يحملون المقال الذي كتبه "الخيواني" وهم غاضبون وقالوا له انظر كيف يهاجمك "الخيواني" .

يضيف الرجل  بالقول :" قرأت المقال ووجدت ان الكثير مما كتبه "الخيواني" حقيقة معاشة وامرت بإصلاح كل الاختلالات وبعدها بأيام رفعت سماعة الهاتف وشكرت "الخيواني" لإرشاداته.

قلت للشعيبي ليلتها :" انتم من ذكرى الجمهورية التي فقدناها والدولة التي نتمنى حضورها.

توادعنا ليلتها على امل اللقاء وبعدها بأيام غادرت مصر صوب "عدن" ، حينها بدأ يتردد اسم "الشعيبي" مديرا لأمن عدن خلفا للحامدي

مرت "الأيام" حتى صدر قرار جمهوري بتعيينه مديرا لأمن عدن يومها طلبت من العزيز "صلاح بن لغبر" تزويدي برقم هاتف الشعيبي وتكرم بذلك مشكورا.

كتبت رسائل عدة الى الشعيبي وكان لطيفا في ردوده .

في احدى الرسائل سألته:" متى سترتدي بزتك العسكرية .؟

رد بذكاء :" حينما ستوفر وزارة الداخلية ذلك لكل منتسبيها.

على ذكاء الرجل وخبرته العسكرية وتواضعه وانضباطه الا ان المنصب الذي اسند اليه واحد من اصعب المناصب وأكثرها تعقيدا.

في المدينة التي يتشارك  العمال بالأجر اليومي  والجالسين الى السور الطويل بساحل ابين عصرا لتعاطي القات مهمة تشكيل عقل القيادات التي تجوب الشوارع نهارا تصبح مهمة رجل كالشعيبي صعبة ان لم تكن مستحيلة.

في المدينة التي يدقق فيها المفسبكون في كل صورة لكل قيادي ويتسألون لماذا أشار بيده اليمنى لا اليسرى لينزعوا عن هذا رداء الوطنية ويمنحوها لذاك تصبح مهمة الرجل عسيرة!!

هذا الصباح ارتدى الرجل بزته العسكرية لكنها بلا طيور ولا صقور  وبلا اجنحة ، شبيهة الى حد كبير بواقعنا.

بين معسكرين واتجاهين يقف الرجل وفي مدينة تتقاذفها أمواج الاهواء يبحر بسفينته الصغيرة بلا اشرعة .

كتب احدهم معلقا بإنها اشبه بلوحات السيارات "مؤقت عدن" هكذا تجوب الشوارع منذ سنين طويل لاتدري أي وطنا تتبع..!

وفي عدن ليست بدلة الرجل مؤقتة.

أحلام الناس مؤقتة.

الكهرباء مؤقتة.

كل الاشياء مؤقتة الى حين..

وامل الناس بأن تتحول الاشياء الجميلة الى مؤبدة.

حلمنا بالأمن نأمل ان يكون مؤبدا.

بالنسبة لكثيرين وانا احدهم لا اطلب المستحيل من الرجل واشفق عليه في مهمة كهذه  ولكنني انتظر ما الذي سيفعله.

وما سيفعله هو من سيحدد فيما اذا كان يجب على الناس ان تقف الى جانبه ام لا .

ما اعرفه جيدا ان الرجل يتكئ على تاريخ طويل من النزاهة والاحترام والكفاءة يصاحبها تاريخ طويل من الحاجة .

والرجل امام طريقان اما ان ينتصر لمطهر الشعيبي رجل النظام والقانون والدولة واما ان يسير على خطى ثوار الساحات .

قفز الرجل الى وسط  مستنقع كبير وثمة خياران امامه لاثالث لهما :" اما ان يحيل المستنقع الى بركة مياه نقية او على الأقل صالحة للاغتسال او ان يتسخ بمياهها ويغرق.

اثق ان مايحتاجه الرجل الان ان يقف كل الناس الى جانبه وعلى الناس ان تفعل ذلك لان في نجاحه نجاح للجميع ومخرجا للمدينة التي تفر فيها أعمدة الكهرباء من سيارات الشرطة.

الى جانب الرجل الذي ارتدى بزته العسكرية سنقف وسندعمه لا لشيء الا اننا بحاجة ان نرى "عدن" وهي تنهض من كبوتها وهي لن تنهض الا برجال دولة أمثال "مطهر" الذي املنا ان ينجح في جرف كل هذه الجموع صوب الدولة لا ان تجرفه هي.

(الدولة) خيارنا ومن هو معها سنكون "معه".

فتحي بن لزرق

20 يناير 2021