القضية الجنوبية مظلومية شعب أم سياسة خارجية ...!

الفتح العيسائي
الاثنين ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ١١:٤٩ مساءً
مشاركة

القضية الجنوبية لم تعد تنعم بذات الرؤية السامية، فقد تمكنت دولة الإمارات من حرف بوصلتها بشكل ملحوظ، لتجعل منها مطية تدحض من خلالها حلول الشراكة السياسية التي تكفل حقوق الجنوب وتنهي تزمته ليفرغ الجميع لبناء دولة مدنية تحت سيادة يمنية موحدة. لا يقتصر هذ الإعوجاج اليوم في مسار القضية الجنوبية بالتوغل الإماراتي في جنوب اليمن فحسب، بل في الكيان السيادي الذي باع قضية الجنوب حين صنعته دولة الإمارات ومنحته قداسة القضية الجنوبية ليسوس مظلوميتها بما يخدم المصالح الإماراتية دون الإكتراث لماسيؤول إليه حال الأهالي. 

بعد الإعلان الصادر عن المجلس الإنتقالي الجنوبي للإدارة الذاتية للجنوب، إعتبرته شرعية هادي تجردًا من بنود إتفاق الرياض، هذا الإتفاق الذي منح مظلويمة الجنوب مالم تكن تحلم به، حيث جعل من هذا التيار الذي فرخ مليشيات بدعمٍ إمارتي و قامت بإنقلاب ضد الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، جعل منها قوة سيادية موازية للحكومة الشرعية، منحتهم آيضًا إصلاحات عسكرية تخدم وتنظم جناحهم العسكري بشكل رسمي خالي من المظاهر الملشوية، وإصلاحات إقتصادية كان من شأنها خلق نقلة نوعية للبنية التحتية والتنموية الجنوبية في حال نُفذت هذه البنود. 

جاء إعلان الإنتقالي عقب الفشل السياسي والإداري الذي نتج عنه إنفجار الغضب الشعبي المندد بماتعيشه عدن في ظل غياب الحكومة الشرعية والتميع الذي شهدته القضية الجنوبية، وماتعرضت له العاصمة المؤقته والأهالي جراء ماعاشته أثر نكبة الفيضان الذي أغرق المدن وألحق الأضرار بممتلكات الناس كما أضرت برؤوس الأموال في المنطقة بشكل بالغ، بينما خذلتهم قوى الإنتقالي الذي فرض سيادته عليهم بطريقة فاشية دون أن يحرك ساكنًا. هذا الإعلان لم يكن سوى رمي لفشلهم على كاهل الشرعية المطرودة والمشردة خارج أراضي الوطن. هروب من حقيقة فشلهم بعد أن أفقدوا القضية الجنوبية رؤيتها السامية لا أكثر. 

بات إضمحلال مظلومية القضية الجنوبية جليًا في مخيلة المواطن الجنوبي الذي تشدقت أماله بهذه الفترة التي من خلالها حظوا بفرصة كبيرة للخروج بأراضيهم الى بر الأمان ورفع مستواهم الإقتصادي، نظرًا لكونها عاصمة فعلية مؤقته وفي عقر دارهم تنصب القرارات الإصلاحية، ناهيك عن السلام الذي عاشته عدن بعد أن طردت جماعة الحوثي من أراضيها. لكنهم وبوقت متأخر وجدوا أن مظلوميتهم تميع بأيادي الإرتزاق الإماراتي من قبل شخصيات جعلت منهم ورقة ضغط تستخدمهم الإمارات لتركيع طاولة الحكومة الشرعية أمام المساعي الإماراتية التي لا يعنيها الجنوب وقضيته في شيء غير أنها تحتاجها لتمرير ألاعيبها. 

لم يعد أهالي الجنوب في جهالة حيال مايدور في مطابخ مرتزقة الإمارات، بل أنهم رفضوا بشكل قاطع هذا الإستغلال الذي من شأنه أن يقتل قداسة قضيتهم ومظلوميتهم، تخلوا عن قرارات المجلس الإنتقالي الذي فرض نفسه عليهم وجعل من نفسه وصيًا على القضية الجنوبية بقوة السلاح وأعلنت مراكز القوى الجنوبية المتمثلة بأهم المحافظات وأكبرها رفضها لبيان مايسمى بالإنتقالي وأكتفت المحافظات القابعة تحت سطوة سلاحهم بالصمت دون موافقة أو رفض. 

إنحدرت سياساتهم للحد الذي لم يترك لهم مجالًا فيه للإستمرار في إنقلابهم ومالبث أن أعلنوا تراجعهم عن قراراتهم التخريبية بعد أن كشفت نواياهم الإستغلاليه للملاء.