ولجت الفيس بوك ، فوحده عالم مارك الافتراضي يدون تفاصيلنا الكبيرة ، كما يدون تفاصيلنا الصغيرة ، ويخط حياة الجيل الواقع في قبضته ، لقد أمسى الفيس بوك ذاكرتنا الفردية ، والجمعية ، وديوان مقيل هذه الملايين الكثيرة في لعبة عنكبوتية لزجة لا مفر منها أبداً.
كما قلت لكم ، ذكرني الفيس بوك بميلادي ، أنا ولدت بنفس هذه الليلة المجيدة ، ليلة أول تجربة ديموقراطية في اليمن ، لقد دون مولدي عظمة المشهد الانتخابي ، ودونت الانتخابات لحظاتي الأولى في وطن كان سعيدا ، يمارس حقه في الحكم ، ثم فجأة تغلبت معاول الهدم وهدمت تلكم المنجزات ، فما بين مولدي واليوبيل الفضي لميلادي ذاكرة وطن ورئيس مجيدين ، انتخابات ، برلمان ، حكم الشعب.
أحببت أن أحكي لكم ، فأنا حبيس الذكريات الوطنية المعتقة بالرجال الذاهبين نحو السماء ، لقد ربيت في بيت ديموقراطي ، كانت الديموقراطية التي تأسست في الوطن بتفاني زعيم الشهداء تلازم ديموقراطية العائلة ، التي أرضعناها جدي ، جدي الذي تشرب سنوات عمره في الخارج يتعلم كيفية التشارك الحر للأشياء ، للآراء ، ولهذا أحببت الكتابة ، فأن تتعرق الانتخابات في عائلة مشيخ كبيرة لهو النصر العظيم لمؤسس الديموقراطية في الوطن ، لقد تغلب صالح على كل التفاصيل المهلكة التي تقف بالضد ضد المساواة المجتمعية ، لقد نجح.
على مستوى الوطن لقد ساوت الديمقراطية بين الطبقات ، الجميع في صف واحد ، الشيخ والرعوي ، الغني والفقير ، الوزير والصغير ، كلهم بصف واحد أمام لجنة الانتخابات ، بطريقة مبهمة يبهم المرء بقلبه على المرشح المناسب ويذهب ، لا ريش على رأس أحد ، فالعبرة للغلبة ، النجاح للذين أحبتهم بلدانهم ، ويحدث أن ينافس شيخ البلاد ويتغلب عليه أحد رعيته ، هذه هي فطنة الديموقراطية ، تلكم الثيمات لهي الوطن برمته ،
ولأمي بهذه الذكرى حكاية ، حضرت السيارة إلى البيت ، سوف تقل أمي مع النساء الذاهبات لرمي أصواتهن في الصناديق ، قالت لهم أمي : أني حامل ، وصوتي ضعيف ، لا أستطيع الصراخ ، فأمي وهي تستمع لكلمة التصويت ، أمي التي لا تقرأ ، ظنت أن التصويت يعني الصياح بصوت عالٍ ، المجد لك يا أمي ، أمي التي لم تذهب ، وفوجأت بالطلق بعد ساعات وولد عبدالسلام ،ولدت وأذن الوطن في أذناي نشيد الانتخابات ، ربيت على ذلك.
حاليا ، ونحن في قلب الكارثة ، والكوارث كلها من مفرق الوطن إلى أخمصه تتمثل بكهف سلالي وبسيد يمت للموت بصلة وبدم، هالتني ذكرى الوطن المشبعة بالعيش الخلاق ، لقد أخذت السلالة حتى الصناديق ، كسرت ظهر البلاد ، يأتمر الآبق بأمر الهالك ، يعتقد الحوثي المنحط أن فرمان توليه من الله ، الله الذي يعلم تمام العلم ، ونحن الذين نعلم ، أنه كاذب ، كذبت يا كهف الغزاة من ساسان فلا رب لك يا هالك إلا الخميني ونار جده الأول.
نحن الجيل العظيم ، خطت أرواحنا البدايات المثلى لوطن الديموقراطية ، نحن من ترعرع على خطوات الصالح ، نحن من تسامى وتساوى مع بعضه بكلمات الصالح لن نرضخ ولو سقطت بيدك الأشياء كلها ، فالهزيمة الكبرى ليست أن نخسر الأرض ، لا ، أنت دون علم يا جاهل تراها كذلك ، الخسارات الكبيرة فقدانك للقضية ، نحن نتوشح قضيتنا ولهذا لن نهزم ، أنت الهزيمة المتمثلة بشخص مثلك ، تعاني عقدة النقص ولا تثق بجماهيرك ،
بينما نحن نثق ، بأنفسنا ، بجماهير الوطن الكبير ، بالجيل الذي تخلص من الإمامة ، والجيل الذي عاش في كنف الجمهورية ، والجيل _ هذا الجيل الذي ولدت أنا فيه بمستهل التسعينيات _ الذي ولد في بداية الديموقراطية ، فنحن أعرق منك ، مهما تعالى طغيانك فلكل ميلاد أوان ، ومن ولد قبلك وقبل سلالتك على هذه الأرض له حين ، له أحايين كثيرة ، بل كلها له ، وليس لك ولطغيانك إلا الموت ، فلتنتظر فقط .