كشف العلماء أنه إذا انقلب المجال المغناطيسي للأرض اليوم، كما فعل عدة مرات في الماضي، فسوف يتسبب في قدر "معوق" من الضرر لحياة الأرض واقتصادها. ولا يحمي المجال المغناطيسي للأرض كوكبنا وحياته من الإشعاع الشمسي القاتل فحسب، بل يحافظ أيضا على الشمال في الأعلى والجنوب في الأسفل في قطبي الكوكب.
ويتكون الدرع من النواة الخارجية للحديد السائل لكوكبنا الذي يدور حول النواة الداخلية الصلبة.
ويخلق العمل الديناميكي حقلا غير مرئي يمر عبر شمال وجنوب الكوكب ويطوقه، ما يؤدي إلى القطب الشمالي والجنوبي للأرض.
وتمتلك العديد من أنواع الحيوانات، وعلى الأخص الطيور، إحساسا بالأقطاب المغناطيسية التي تسمح لها بالتنقل بنجاح حول الكرة الأرضية خلال فترات الهجرة الجماعية، ما دفع الخبراء للخوف من أنها قد تسبب الارتباك.
ويحافظ الدرع أيضا على حمايتنا من الأشعة الشمسية المسببة للسرطان.
وفي السنوات الأخيرة، كان العلماء يستعدون لانقلاب محتمل في المجال المغناطيسي، وهي ظاهرة طبيعية تحدث كل 200 ألف إلى 300 ألف سنة عندما يتبدل القطبان الشمالي والجنوبي.
وحاول القطبان التبادل منذ 41000 عام، لكن العملية لم تكن ناجحة تماما وكان الانعكاس مؤقتا فقط.
وجاءت آخر مرة تم فيها تبديل القطبين بشكل دائم منذ 780 ألف عام، ما يعني أننا تأخرنا كثيرا.
ويعرف العلماء متى انقلب القطبان من خلال تحليل الصخور.
وعندما تتشكل صخور جديدة، عادة على الرغم من تدفقات الحمم البركانية أو رواسب المحيط التي يتم إغراقها، فإنها تسجل المجال المغناطيسي في ذلك الوقت، وهو ما استخدمه الجيولوجيون لتاريخ آخر انعكاس للحقل المغناطيسي.
والآن، حذر أحد العلماء من أنه عندما يحدث الانقلاب التالي، فقد يكون مدمرا لكوكبنا.
وكتبت أغاث ليز برونوفوست، الزميلة البحثية في علوم الأرض بجامعة ملبورن، في مقال لمجلة Conversation: "يعمل المجال المغناطيسي للأرض كدرع ضد الجسيمات عالية الطاقة من الشمس وخارج النظام الشمسي. ولولاه لكان الكوكب يقصف بهذه الجسيمات المشحونة. ولا نعرف متى ستحدث الرحلة الجيومغناطيسية القادمة.
ولكن إذا حدث ذلك اليوم، فسيكون معوقا. ستصبح تطبيقات الأقمار الصناعية والملاحة عديمة الفائدة، وستتعطل أنظمة توزيع الطاقة بتكلفة تتراوح بين 7 مليارات و48 مليار دولار يوميا في الولايات المتحدة وحدها".
ومن الواضح أن الأقمار الصناعية والشبكات الكهربائية لم تكن موجودة منذ 41000 عام. لكن رحلة لاشامب (انعكاس مغناطيسية الأرض)، التي سميت على اسم تدفقات الحمم البركانية في فرنسا حيث تم التعرف عليها لأول مرة، ما تزال تترك بصماتها، وفقا لبرونوفوست.
وأصبح الباحثون أفضل في تحديد العناصر في التربة والصخور ما يشير إلى وقت حدوث التبديل المغناطيسي الأخير، مثل العثور على نظير يسمى البريليوم 10 في قاع بحيرة سيلينا الأسترالية.
ويتكون البريليوم 10 عندما تقصف الجسيمات الكونية عالية الطاقة الأرض، وتصطدم بالأكسجين وذرات النيتروجين في الغلاف الجوي.
ويؤدي ضعف المجال المغناطيسي إلى المزيد من هذا النظير، وهو مؤشر على التبديل الأخير.
وتابعت برونوفوست: "المزيد من البيانات من رواسب البحيرة، وتدفقات الحمم البركانية وتشكيلات الكهوف المعدنية، بما في ذلك الصواعد والهوابط، يمكن أن تحسن فهمنا للمجال المغناطيسي للأرض بشكل كبير".
وأضافت: "مع هذه المعرفة، قد نتمكن يوما ما من التنبؤ بالرحلة الجيومغناطيسية التالية، قبل أن تتوقف هواتفنا عن العمل وتنحرف الطيور عن مسارها وتصطدم بالنوافذ".