قبل أوانه

سماح عملاق
الجمعة ، ٠٧ أغسطس ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:٠٢ مساءً
مشاركة

قبل أوانه

"مرحبًا.. أنا سماح عملاق، فتاةٌ يمنية من أصول يمنية أيضًا. أرفض تجنيسي بأي جنسية أخرى رغم المغريات والتسهيلات التي تصلني. لاأخفيكم سرًّا بأن قلبي كان يلين أحيانًا لبضع جنسيات كالأميركية والتركية والبريطانية، لكنه في -الوقت الضائع- يسمع بطريقة أو بأخرى النشيد الوطني فيثبت لوهلة ثم يتحرك كي لاأموت. مرةً تلقيتُ مكالمة هاتفية من صديق أميركي يقطن ولاية "سان فرانسيسكو" وللأمانة الـ"man" لم يقصر معي نهائيًا. عرض عليّ "my friend" منزلًا وبيتًا وڤيلا كبيرة، وكذلك مكتبة منزلية ومطبخ واسع وحديقة منزل جميلة.. هل قبلتُ؟ كلا، فزادني سيارة، ووظيفة لائقة كمذيعة في "مونت كاولو " الدولية.. تراني أذعنتُ؟ كلا..لماذا أبيع انتمائي وأنا اليمنية التي لم تشعل شمعة إلا في عيد ميلادها، ولم تطفئ مصباحًا إلا حين تنام، ولم تصنع من علبة النيدو "حصّالةً " إلا لتتبرع للمرضى والمحتاجين. يمنيةٌ بملء الفم، لاتضع باطن كفها على معدتها تألما، إنما قلقًا من بلغمٍ غائر قد يؤذي رشاقتها. ولم تخطو بحذر إلا كجزء من "الإيتيكيت"، "فبرستيجها" يجعلها تمشي على البيض ولاتكسره. لم تفهموننا خطأً -ياعالم- وتحسبوننا نترقب الألغام؟!. الله المستعان عليكم بس!!. هذه اليمنية التي تحاولون استقطابها لم تضغط بكلتي يديها على أذنيها خوفًا من طائرة توشك أن تتبرز قنابل، بل لأن صوت الطائرة يوترها عقب سفرياتها المتتالية. نعم يمنية، ولايمكن لدولةٍ أن تحتل مكانًا في جواز سفرها إلا كوجهة.. ماذا يحسب العالم يمننا "السعيد"؟! يظنونه معتقلاً كبيرًا، أم قبًرا فوق الأرض؟!

قصورهم لاتضاهي زريبةً لأبقارنا، وسياراتهم الفارهة نمنحها لأطفالنا كي يلعبوا، ووظائفهم لن تحيي نفوسًا يمضغ الجوع أقفاصها الصدرية بل وسيلةً متعبةً لملء الفراغ. ماعلينا.. هذه الجنية أخبرها صديقها الأميركي بأن له أن يوصلها إلى حلمها القديم جدًا؟.. حكت له ذات محادثة حكاية الندبة التي على رأسها.. كانت تقترب من المرآة أكثر وأكثر وتخبر نفسها بأنها دكتورة في جامعة هارفارد، وستكمل دراساتها العليا في نفس الجامعة.. رأتها جدتها العجوز تتحدث بالإنجليزية أمام المرآة بشكل مثير للريبة؛ فلم تستيقظ من إغمائها إلا بعد ساعات وأخبرها الجميع بحادثة عكاز الجدة وإسهامه الفاعل في إعادة عقلها لمكانه. يقول لها: ستحاضرين باللغتين في جامعة هارفارد الأميركية خلال السنوات القادمة، ولهم أن يحجزوا مقاعدهم من الآن إن أرادوا الحضور، ليس لأنك صديقتي الرائعة بل لأنكِ مؤهلة وتستحقينها بجدارة".

متى سأتمكن من كتابة مثل هذا النص؟! لك الله ياوطني.

#طابت_جمعتكم #بعد_فوات_البوح. 7/8/2020

 

قبل أوانه

"مرحبًا.. أنا سماح عملاق، فتاةٌ يمنية من أصول يمنية أيضًا. أرفض تجنيسي بأي جنسية أخرى رغم المغريات والتسهيلات التي تصلني. لاأخفيكم سرًّا بأن قلبي كان يلين أحيانًا لبضع جنسيات كالأميركية والتركية والبريطانية، لكنه في -الوقت الضائع- يسمع بطريقة أو بأخرى النشيد الوطني فيثبت لوهلة ثم يتحرك كي لاأموت. مرةً تلقيتُ مكالمة هاتفية من صديق أميركي يقطن ولاية "سان فرانسيسكو" وللأمانة الـ"man" لم يقصر معي نهائيًا. عرض عليّ "my friend" منزلًا وبيتًا وڤيلا كبيرة، وكذلك مكتبة منزلية ومطبخ واسع وحديقة منزل جميلة.. هل قبلتُ؟ كلا، فزادني سيارة، ووظيفة لائقة كمذيعة في "مونت كاولو " الدولية.. تراني أذعنتُ؟ كلا..لماذا أبيع انتمائي وأنا اليمنية التي لم تشعل شمعة إلا في عيد ميلادها، ولم تطفئ مصباحًا إلا حين تنام، ولم تصنع من علبة النيدو "حصّالةً " إلا لتتبرع للمرضى والمحتاجين. يمنيةٌ بملء الفم، لاتضع باطن كفها على معدتها تألما، إنما قلقًا من بلغمٍ غائر قد يؤذي رشاقتها. ولم تخطو بحذر إلا كجزء من "الإيتيكيت"، "فبرستيجها" يجعلها تمشي على البيض ولاتكسره. لم تفهموننا خطأً -ياعالم- وتحسبوننا نترقب الألغام؟!. الله المستعان عليكم بس!!. هذه اليمنية التي تحاولون استقطابها لم تضغط بكلتي يديها على أذنيها خوفًا من طائرة توشك أن تتبرز قنابل، بل لأن صوت الطائرة يوترها عقب سفرياتها المتتالية. نعم يمنية، ولايمكن لدولةٍ أن تحتل مكانًا في جواز سفرها إلا كوجهة.. ماذا يحسب العالم يمننا "السعيد"؟! يظنونه معتقلاً كبيرًا، أم قبًرا فوق الأرض؟!

قصورهم لاتضاهي زريبةً لأبقارنا، وسياراتهم الفارهة نمنحها لأطفالنا كي يلعبوا، ووظائفهم لن تحيي نفوسًا يمضغ الجوع أقفاصها الصدرية بل وسيلةً متعبةً لملء الفراغ. ماعلينا.. هذه الجنية أخبرها صديقها الأميركي بأن له أن يوصلها إلى حلمها القديم جدًا؟.. حكت له ذات محادثة حكاية الندبة التي على رأسها.. كانت تقترب من المرآة أكثر وأكثر وتخبر نفسها بأنها دكتورة في جامعة هارفارد، وستكمل دراساتها العليا في نفس الجامعة.. رأتها جدتها العجوز تتحدث بالإنجليزية أمام المرآة بشكل مثير للريبة؛ فلم تستيقظ من إغمائها إلا بعد ساعات وأخبرها الجميع بحادثة عكاز الجدة وإسهامه الفاعل في إعادة عقلها لمكانه. يقول لها: ستحاضرين باللغتين في جامعة هارفارد الأميركية خلال السنوات القادمة، ولهم أن يحجزوا مقاعدهم من الآن إن أرادوا الحضور، ليس لأنك صديقتي الرائعة بل لأنكِ مؤهلة وتستحقينها بجدارة".

متى سأتمكن من كتابة مثل هذا النص؟! لك الله ياوطني.

#طابت_جمعتكم #بعد_فوات_البوح. 7/8/2020

 

قبل أوانه

"مرحبًا.. أنا سماح عملاق، فتاةٌ يمنية من أصول يمنية أيضًا. أرفض تجنيسي بأي جنسية أخرى رغم المغريات والتسهيلات التي تصلني. لاأخفيكم سرًّا بأن قلبي كان يلين أحيانًا لبضع جنسيات كالأميركية والتركية والبريطانية، لكنه في -الوقت الضائع- يسمع بطريقة أو بأخرى النشيد الوطني فيثبت لوهلة ثم يتحرك كي لاأموت. مرةً تلقيتُ مكالمة هاتفية من صديق أميركي يقطن ولاية "سان فرانسيسكو" وللأمانة الـ"man" لم يقصر معي نهائيًا. عرض عليّ "my friend" منزلًا وبيتًا وڤيلا كبيرة، وكذلك مكتبة منزلية ومطبخ واسع وحديقة منزل جميلة.. هل قبلتُ؟ كلا، فزادني سيارة، ووظيفة لائقة كمذيعة في "مونت كاولو " الدولية.. تراني أذعنتُ؟ كلا..لماذا أبيع انتمائي وأنا اليمنية التي لم تشعل شمعة إلا في عيد ميلادها، ولم تطفئ مصباحًا إلا حين تنام، ولم تصنع من علبة النيدو "حصّالةً " إلا لتتبرع للمرضى والمحتاجين. يمنيةٌ بملء الفم، لاتضع باطن كفها على معدتها تألما، إنما قلقًا من بلغمٍ غائر قد يؤذي رشاقتها. ولم تخطو بحذر إلا كجزء من "الإيتيكيت"، "فبرستيجها" يجعلها تمشي على البيض ولاتكسره. لم تفهموننا خطأً -ياعالم- وتحسبوننا نترقب الألغام؟!. الله المستعان عليكم بس!!. هذه اليمنية التي تحاولون استقطابها لم تضغط بكلتي يديها على أذنيها خوفًا من طائرة توشك أن تتبرز قنابل، بل لأن صوت الطائرة يوترها عقب سفرياتها المتتالية. نعم يمنية، ولايمكن لدولةٍ أن تحتل مكانًا في جواز سفرها إلا كوجهة.. ماذا يحسب العالم يمننا "السعيد"؟! يظنونه معتقلاً كبيرًا، أم قبًرا فوق الأرض؟!

قصورهم لاتضاهي زريبةً لأبقارنا، وسياراتهم الفارهة نمنحها لأطفالنا كي يلعبوا، ووظائفهم لن تحيي نفوسًا يمضغ الجوع أقفاصها الصدرية بل وسيلةً متعبةً لملء الفراغ. ماعلينا.. هذه الجنية أخبرها صديقها الأميركي بأن له أن يوصلها إلى حلمها القديم جدًا؟.. حكت له ذات محادثة حكاية الندبة التي على رأسها.. كانت تقترب من المرآة أكثر وأكثر وتخبر نفسها بأنها دكتورة في جامعة هارفارد، وستكمل دراساتها العليا في نفس الجامعة.. رأتها جدتها العجوز تتحدث بالإنجليزية أمام المرآة بشكل مثير للريبة؛ فلم تستيقظ من إغمائها إلا بعد ساعات وأخبرها الجميع بحادثة عكاز الجدة وإسهامه الفاعل في إعادة عقلها لمكانه. يقول لها: ستحاضرين باللغتين في جامعة هارفارد الأميركية خلال السنوات القادمة، ولهم أن يحجزوا مقاعدهم من الآن إن أرادوا الحضور، ليس لأنك صديقتي الرائعة بل لأنكِ مؤهلة وتستحقينها بجدارة".

متى سأتمكن من كتابة مثل هذا النص؟! لك الله ياوطني.

#طابت_جمعتكم #بعد_فوات_البوح. 7/8/2020

لا يتوفر وصف للصورة.