لا تكتسب مناسبة الميلاد النبوي أهميتها في نظر الحوثية من میلاد الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، بقدر ما تعتبر وكأنها يوم من أيام المبايعة لسلطتهم في صنعاء . ( إنها ذكرى شبيهة بغدیر خم ، مناسبة على الشعب أن ينصت فيها لقائد المسيرة وهو يخطب في الجماهير الجائعة من شاشات كبيرة تتوسط الميدان ، ليحدثهم عن جده الرسول وعن آبائه الميامين ، عن العصمة والولاء والبراء وعن الآخر المعتدي والمنافق والمرتزق ، سيخبرهم عن طائرته المفخخة التي تنتهك سماء ومطارات الأعداء ، وسيتناسى صواريخ البالستية وقذائفة التي يطلقها على الأحياء السكنية في مأرب وتعز والحديدة وغيرها ، سيتحدث عن المطبعين مع إسرائيل وعن الإساءة للنبي المصطفى ، وسيتناسی کم أساء هو ورجال جماعته الى اليمن واليمنيين وقيم دينهم ونبيهم ؟ سيقول كلاما كثيرا لكنه سيتجاهل الكلام عن حقيقة الحرب في مأرب والجوف ، وإن تكلم عن الأسرى المحررين فإنه لن يتحدث عن صفقة التبادل الحوثية الأمريكية ، سيشيد بالجهود الأمنية لرجال الجيش والأمن لكنه لن يتحدث عن الاغتيالات وانتشار جريمة القتل والانتحار وغيرها من الجرائم التي تهز المجتمع .
سيحاول جاهدا أن يغري المحتشدين بالبطولات والعنتريات وقيم الرجولة وواجبات الشرف والدین ، متجاهلا حقيقة هذا الحشد الإلزامي للجماهير ، هذا الدفع بالكادحين والطلبة والعمال الذين وجدوا من المناسبة فرصة للحصول على وجبة غداء مجانية وتخزينة مجانية ، هذا الدفع من قبل المشائخ الصاغرين الذين يتسابقون في الميدان لكي تلتقط لهم كاميرا المسيرة والساحات وأخواتهن صورة تذكارية توثق تاریخ عبوديتهم . هي فرصة للمشرفين لاستعراض قدراتهم على التحشید والضبط والتركيع ، هي فرصة لإظهار رجال الدولة وزرائها ورؤساء الأحزاب والمحافظين وقد توشحوا باللون الأخضر وقد انصاعت جباههم للسادة الأئمة وهم يصلون عليهم وفي داخلهم لعنات تسع هذا العالم .