”المومري” ظاهرة جديرة بالدراسة..

حسين الوادعي
الأحد ، ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٤٢ صباحاً
مشاركة

"المومري" ظاهرة جديرة بالدراسة..

احترمه واحترم خياره كشخص، لكن هذا لا يمنعني من نقد الظاهرة..

ظاهرة سماها آلان دونو "نظام التفاهة". والتفاهة هنا ليست شتيمه فهي الكلمة التي استخدمها المومري في وصف نفسه.

وهي الظاهرة التي تعبر عن نفسها يوميا في السخرية من الثقافة ومن "العميقين" في إشارة واضحة الى تفضيل التفاهة كأسلوب تفكير ونمط حياة.

نزعة "تمجيد التفاهة" ظاهرة عالمية أيضا مرتبطة بنزعة أخرى هي نزعة "معاداة الثقافة" ورفض أي مضمون عميق أو صعب أو مكثف باعتباره "نخبوي" أو بورجوازي ومتعالي على الشعب.

عرفت اليمن نظام التفاهة قبل هذا في ظاهرة أخرى هي "نقابة الموالعة" وما قدمته من صورة للحياة في حالة إدمان دائم مصداقا لأيديولوجيا التفاهة الشعبية اليمنية الشهيرة "خزن وافتهن.. عيجي موت"!

فتحت ظاهرة المومري نقاشا مهما حول "من هو اليمني الحقيقي"؟

وكان أغلب المدافعين عنه يقولون أنه يعبر عن اليمني الحقيقي.. اليمني الاصيل البسيط التلقائي!

هذا الدفاع نابع من "شعبوية رخيصة" ترى أن كل ما هو شعبي مقبول ومقدس وكل ما هو نخبوي أو أتى من المثقفين مرفوض وسيء.

وهي شعبوية خطيرة على المدى الطويل.

فبناء عليها فإن قتلة المرحوم عبدالله الاغبري أيضا "يمنيون حقيقيون" وشعبيون لم يفهلوا أكثر من تطبيق ثقافة الشعب السائدة حول "خذ حقك بيدك"..

والمقيل الذي تم فيه تعذيب وقتل الاغبري هو نسخة من المقايل التي تصدر الصور الأخرى لليمني الحقيقي.. اليمني البدائي، العشوائي، في مكان تخزين القات القذر والضيق والمغلق.

بنفس منطق الشعبوية الرخيصة، فالحوثيون الذين اجتاحوا ونهبوا صنعاء منذ 2014 يمنيون حقيقيون أصلاء لم يفعلوا أكثر من تطبيق الثقافة الشعبية في الفيد والغنيمة وكسب الرزق بقوة البندقية.

عندما نتحدث عن ظاهرة المومري لا بد من ربطها بظواهر أخرى "نابعة من ثقافة الشعب وأصالته" مثل ظاهرة "الضمين" والطب الشعبي المزيف الذي يدر مئات الملايين على اصحابه.

وظاهرة "المهدي المنتظر" الذي استطاع أن يحشد في السبعين لوليمة ضخمة جدا دعا فيها عشرات الآلاف للحضور و كانت السبب في اعتقاله.

هناك رغبة في تعميم صورة معينة لليمني..

صورة المدمن ، المخدر، الساذج، العشوائي، غير المهندم، غير النظيف، البذيء .. باعتبارها صورة أصيلة يجب أن نفتخر بها.... "زنجبيل بغباره" ...و "يا حيا من شمه بارود، ولد السوق شمه معطاره"... !

هذه الصورة هي نفس الصورة التي تقدمها ميليشيا الإمامة الجديدة في ثوب مختلف يطغى عليه اللون الأخضر..

صورة تدافع عنها المرأة اليمنية بنفس شراسة دفاع الرجل... ألا تلاحظون التحول التدريجي لصورة بنت البلد الاصيلة إلى صورة "المولعية" مدمنة القات والشيشة إلى نسخة نسائية من المومري؟

نعود للسؤال الاهم؟

من هو اليمني الحقيقي؟ من هو اليمني الشعبي ابن البلد؟

إذا كان البعض يرى أنه "البدائي اللطيف" أو نسخة الشمبانزي المطورة بالثوب والشال.. فأنا اختلف وارفض هذه الصورة بكل ما أستطيع..