الشعبوية الرخيصة!

حسين الوادعي
الخميس ، ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٤٧ صباحاً
مشاركة

 "الشعبوية الرخيصة’’ هي تلك التي تعتبر أن كل شيء يأتي من ’’الشعب’’ مقدس وأصيل وقيم حتى لو كان سلبيا، وأي شيء يأتي من المثقفين/النخبة مصطنع ودخيل وفوقي مهما كانت ايجابيته..

بهذا المنطق... فإن الشتم سلوك شعبي، والشتيمة ليست طبيعية فقط بل أصيلة ومقدرة، بينما التهذيب نخبوي ومتعالي...

القذارة والعشوائية شعبية وأصيلة، بينما الهندام والنظافة والتنظيم نخبوي ومتثاقف...

ادمان مخدر القات ممارسة لروح الهوية الشعبية، بينما الاقلاع عنه وتعويضة بانشطة ثقافية ورياضية.. انحراف نخبوي عن روح الشعب وحقيقته الثابتة..

التفاهة بسيطة وشعبية، بينما البحث والتعمق تعال على الشعب من ابراج عاجية معزولة..

وهكذا .. في قائمة طويلة تمتد الى ما هو أسوأ..

للوهلة الأولى تبدو الشعبوية الرخيصة ذات مصداقية ومنحازة للشعب في تعبيراته وسلوكياته اليومية.

لكن لو مضينا معها حتى النهاية لوجدنا أنها أسوأ ايديولوجيا تحقيرية ضد الشعب، وأفضل عذر للدكتاتوريات لابقاء الشعب في حالة جوع وتخلف.

لأننا بنفس الطريقة يمكن ان نقول...

الرضا بالاستبداد والخضوع للقوة سلوك شعبي أصيل، بينما الديمقراطية والتعددية مطلب نخبوي دخيل..

ضرب النساء وحرمانهم من الميراث ثقافة شعبية عريقة، بينما المساواة والحديث عن حقوق المرأة نخبوية متغربة تنقل مفاهيم مجتمعات أخرى الى مجتمعاتنا..

تزويج الصغيرات ممارسة شعبية نابعة من روح الشعب، بينما تأخير سن الزواج ومفاهيم الزواج عن حب واختيار ونضج مجرد نخبويات عميقة..

الجهل والأمية خاصية أصيلة، بينما التعليم تدجين وتهجين للروحية الشعبية المتمردة...

العنف والحرب شعبي بينما السلام استسلام نخبوي...

لو مشينا مع الشعبوية الرخيصة حتى النهاية سنحول الشعب الى مجموعة من المسوخ.. وسنحول مفهوم الأصيل والشعبي الى مفهوم ’’قمائمي’’ يتمسك فقط بما هو بذيء وسيء..