في ثلاثينات القرن الماضي، تنوعت أساليب المقاومة الشعبية لنظام الإمامة ممثلا بالطاغية يحيى بن حميد الدين، حيث انتقل دور المقاومة والرفض نسبيا من القبائل المناهضة لحكم الإمام، لصالح النخب المتنورة، التي بدأت أولى طلائعها على شكل محاولات فردية، تمكنت فيما بعد من أن تشد بعضها ببعض وأن تلقي أولى بذور المعارضة التي تشكلت من خلال دعوة الإصلاح لتتعداه فيما بعد إلى الثورة. لذا يمكننا اعتبار جميع الشخصيات الوطنية التي بدأت معارضتها لنظام الإمامة والتي ختمتها بالثورة، مدارس فكرية وأدبية وسياسية بحد ذاتها. ففي البداية تطالعنا قراءة الأحداث عن مدرسة أو جيل الإصلاح الذي مثله العديد من المثقفين البينيين، مختلفي البيئات والمراكز الاجتماعية والوظيفية، كالشاعر والأديب أحمد المطاع والوريث والزبيري وعلي بن يحيى الإرياني وعبدالرحمن الإرياني وأحمد محمد نعمان وابراهيم الحضراني وأحمد المروني ومحمد صالح المسمري وحسن الدعيس وغيرهم كثير. وقد تولى هؤلاء مهمة نقد سياسة الإمام يحيى والأساليب التي يقوم عليها حكمه، وأنشأ الأحرار آن ذلك وفقا لإمكاناتهم المحدودة، ما يمكن أن يوسع من نطاق انتشار المعارف والثقافة المعارضة، التي تطورت فيما بعد إلى العقيدة الثورية التي كانت من أهم نتائج الحراك الإصلاحي الذي مورس على شكل جمعيات أدبية وثقافية، توثقت من خلالها علاقاتهم وتطلعاتهم التي جوبهت برفض أمامي متسلط لفكرة الإصلاح، والتي ارتدت فيما بعد ثورة بل وثورات من الرفض الذي تكلل بثورة سبتمبر الخالدة. مازال أحرار اليمن اليوم وقد فاق أعدادهم أضعاف أحرار الأمس بمئات وربما آلاف المرات، يجابهون حكم السلالة الإمامية، لذا علينا اليوم أن لا نستهين بالدور الذي يمارسه كل فرد منا في مناهضة العصابات الحوثية، أو التقليل من أي حراك ثقافي أو ديني شعبي أو رسمي فردي أو حزبي، معرفي ثقافي أو سياسي وعسكري. فكما صنع آباء سبتمبر ثورتهم سوف نصنع نصرنا، وستتغلب مشاريع الوطن على مشروع السلالة، سوف تنتصر صنعاء ليمنيتها ولعروبتها، وسوف نكون نحن حيث شئنا، جزءاً من صميم هذا الشعب وشخصيته وهويته المستقلة وستعود لنا دولتنا جمهوريتنا اليمنية الواحدة. ودمتم بخير.