مأرب بوابة السلام الممكن

مصطفى الجبزي
الاربعاء ، ٠٣ مارس ٢٠٢١ الساعة ١٢:٠٥ صباحاً
مشاركة

يضع الحوثي كامل ثقله وقدراته العسكرية للهجوم على مأرب مستغلاً فترة البطة العرجاء في البيت الأبيض وتوددها لإيران من أجل العودة إلى الاتفاق النووي. لكنه أيضا يعتمد على توهم أن مارب قد أنست إلى النعيم واستكانت بفعل ازدهارها اقتصاديا وتحولها إلى عاصمة فعلية وقلب اقتصادي حي ينبض في بقعة اليمن الكبير التي تعاني من الفوضى.   

غير أن الأسابيع الماضية من المعارك كشفت عن واقع عسكري وأمني جديد في مأرب ما دفع الحوثيين إلى نشر أكبر قدر ممكن من الدعاية والأكاذيب.  

معركة مأرب عالية الكلفة وهي معركة فاصلة في الحياة السياسية اليمنية وتعني أمرين: أما القضاء على الشرعية والانتقال إلى واقع شمال يتسيد فيه الحوثي وجنوب سيكون لقمة سائغة بيد المجلس الانتقالي الذي هو الآخر يتحين الفرصة ويتمنى انكسار الشرعية وانكسار كل اليمنيين.   

هذه المشاريع لا تختلف عن بعض وهدفها كسر اليمن.  أو كسر شوكة المشروع الحوثي واستعادة انفاس اليمن الجمهوري والعودة إلى آخر نقطة توقفت فيها السياسة وهي مخرجات الحوار الوطني.  

والمجتمع الدولي وصل إلى حال ملل وتيه ويريد معالجة عاجلة للحرب في اليمن ولا فرق عنده أن ينتصر الحوثي أو الانتقالي أو الشرعية. وربما يرجح أن ينتصر الحوثي.   

وهو وإن كان يعترف بالحكومة الشرعية إلا أنه يستخدم هذا الاعتراف ليضغط عليها كي تقبل ما لا يمكن قبوله من تنازلات تمس جوهر النظام السياسي الجمهوري القائم على المواطنة.   

فالمنطقة من الخارج ليست أكثر من وجع رأس بسبب وصمتها بالإرهاب (السني). وقد يكون الحوثي مقصلة محلية قليلة الكلفة كما هو الحال مع الميليشيات الشيعية.   

لكن صمود مأرب التي يقاتل فيها كل أبناء اليمن الرافضين للمشروع الحوثي بطابعه الطائفي والعنصري يعيق أي تصور ساذج للحل في اليمن ويفرض حلا عادلا يستجيب لتطلعات اليمنيين إلى دولة مواطنة متساوية ويمن موحد يراعي التنوع اليمني.   

لكن هذا لن يتم إلا إذا رفدت مأرب بقوات أكثر تدريبا ودربة وعتادا تدعم ما هو قائم وتنقل المشهد من الدفاع إلى الهجوم وتدحر الحوثي من أسوار المدينة لتخلق أقل ما يمكن قوسا أمنا للمحافظة يتجاوزها نحو قلب صنعاء والبيضاء وعمران.   

عندما تشعر الجماعة الحوثية أنها تحت تهديد السقوط فإنها ستقدم تنازلات معقولة وتتقدم الى السلام. أما الآن فإنها تعيش وهم قدرة الاكتساح واحتكار التمثيل واحتكار الوطنية وادعاء السيادة.   

وقبل هذا فهي غير قادرة على الانفصال من مدار إيران وتأدية أدوار هامة ومجانية بالنسبة لإيران.   

لا يعول على الفاعلين الدوليين في السياسة الدولية فهم هذا الأمر. هناك تعامل سطحي للشأن اليمني وهناك تعمد طمر حقيقة الواقع اليمني بحقيقة موازية هي الوضع الانساني.   

بل ان السعودية وهي حليف للحكومة الشرعية غدت "الشجرة التي تحجب الغابة" ونكاية بالسعودية هناك من لديه الاستعداد بالتضحية باليمن والشعب اليمني وتطلعات اليمنيين بالديمقراطية وان كانت ادعاءاته باسم الشعب اليمني ومصلحته.