"ياسين على الطارف"

سماح عملاق
الاثنين ، ١٣ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ٠١:٠٢ صباحاً
مشاركة

 

أكره المنتصف ، لستُ وسطية. أنا لاأمسك العصا من النصف لألعب ببهلوانية، بل أقبض بأحد أطرافها وأطرق على الصخر حتى يلمع وأقول فُتحت أبواب النجاح أسوةً بسيدي في غزوة الأحزاب "فُتحت فارس، فتحت الروم" رغم أنه كان في أوج ضعفه. أنا أيضًا امرأة ضعيفة، لكنني لاأتراجع في أي معركة خضتها ، وأشرس معاركي هي معركة الوعي. لاأداهن ولاأجامل، أحب بشرف، وأكره بأخلاق. وثقافة الكراهية تغيب عن كثيرين لايعلمون-للأسف- أبجدياتها!!.. حين تكره.. افصل بين الشخصية والسلوك، وبين الخير والشر، وبين الموقف والمبدأ، وبين الواجبات والنوافل، وبين الثوابت والمتغيرات، وبين الشكل، والمضمون. لاأدعوكم لمحبتي بطريقة عمياء، ولاأخشى كراهية أحد، على العكس تمامًا ..تنبسط أساريري حين ألمس التنوع في توجهات جمهوري بالتعليقات والآراء. وإذا قرأتُ معارضًا لأفكاري أحترم موقفه لاسيما إذا عارضني بتهذيب وبالحجة والبرهان، وإن افتقد ثقافة الحوار أغفر له وأركز على مضمون ماكتب. أعود للطرف وأقول لكم إن الرمادية خيار الجبناء، والخاشين من المواجهة.. ولدتم في منشفةٍ بيضاء، وسترحلون بالكفن الأبيض.. الليل أسودٌ أفحم والنهار واضح ببياضه، لم يخلق الله جزءًا ثالثًا رماديًا في أيامنا؛ فلمَ نكسو مواقفنا بالرماد، وهو الذي يعمي الأعين عن الحق إذا دخل فيها؟! لن أصور أناملي بل أظهر كاملة، ولن أكابر إذا قهرني قاهر بل أذرف الدموع حتى أنام ، في المقابل لاأكتم سعادتي إذا أمطرتني غيمةُ فرح بل أضحك وألعب بكل طفولية، لاأفاوض ولاأقبل أنصاف الحلول، إما نعم أو لا.. لاأقرأ مابعد (لكن) ولاأصدق ماقبلها، أحب الواضحين ، الواثقين، الصادقين، الشجعان الذين لايكثرون من المقدمات بل يدخلون في التفاصيل بكل مرونة وهدوء وأريحية. هاأناذا!!.. صادقةٌ مع نفسي، متصالحةٌ مع مشاعري، لاأدعي المثالية و أمقت الزيف الذي تربينا عليه وغدا طبعًا أصيلًا فينا. لم أجد أبي على أمة، ولن أهتدي بآثار أحد.. علمتني الحياة أن أشق طريقًا خاصًا بي، أن أحفر في الجبل حتى يشرق وجهي المغبّر بشمس ماخلف الجبال. وأن أكون فضولية، أتتبع جحور النمل، وأوكار الثعالب.. أن أمطّ أذنيّ إلى صدور كل البشر؛ فأقيس الفرق بين إيقاعات نبضهم. هذا أنا.. بكامل عيوبي، وبعض ألقي.. أكره التكرار حتى في أرقام هاتفي وأحدث نفسي بأن أستبدل رقمي عما قريب بحيث لايتكرر رقم فيه. ستستشهدون بقول الله: "إنا جعلناكم أمةً وسطا" .. سأستدعي فقيهًا ليرد عليكم كوني كاتبة ولاأريد أن أنصب نفسي في موضعٍ أكبر مني؛ وسيشرح لكم معاني الوسطية والاعتدال في الإسلام، وماأعنيه هو النفاق.. أحيانًا يجذبني التطرف، ويدفعني التذبذب بعيدًا عنه وكأنه لم يخلق لي.. أراجع أفكاري، وأفضّل التماشي مع أمور الحياة كي لاأخسر أكثر ولكنني -حين أكون الأولى في إحدى جهتين مع صديقاتي نمشي على قارعة الطريق- أنبسط ويتعدل مزاجي طوال اليوم.. حين أسمع عجوز أخضر القلب يصيح مداعبًا :"ياسسسين على الطارف"!!.

#بعد_فوات_البوح