برغم أن الحكومة ولدت من رحم المخاطر والتحديات والمخاضات الأليمة حتى خرجت منها منتصرة وقوية فأنها تواجه اليوم تحدي هو الأخطر. تحدي صعب ومعقد بين أن تواصل هذه الحكومة مسارات نجاحاتها وقدراتها في مواجة المصاعب بنوع من المناعة والعزيمة التي أكتسبتها من نضالاتها السابقة..وبين حالة من الإرباك والتوقف التي قد تعد اجهاض لكل النجاحات والمسافات التي قطعتها هذه الحكومة..وأن يصل الأمر إلى البدء من جديد بإعادة تشكيل حكومة وليست القضية بإعادة تشكيل حكومة جديدة وإنما تكمن المشكلة بأنه إعادة إلى بدايات شبة صفرية وخسارة جزء كبير من تراكم النجاحات السياسية وغيرها التي ولدت هذه الحكومة وولدت منها.
بشكل عام لاشك بأن تقرير الخبراء مربك ومحبط جدا بغض النظر عن أي تفاصيل..ولاشك بأنه يحتوي على كثيرا من اللبس ومن الحقائق.. فهنالك حالة فساد حقيقي داخل الشرعية كان الدكتور معين قد أعلن في أول اجتماع مع حكومته أعتزامه على محاربة الفساد..لكن وصول الأمر الى هذا الحد في تقرير الخبراء بكل مافي الأمر من حق وباطل يعد عامل خطر متقدم وإرباك معقد ومفاجئ أمام الحكومة التي كانت قد تجاوزت كثير من المحن في مواجهة غدر المليشيات الحوثية وفي التوافق السياسي داخل الصف الوطني للشرعية والمقاومة.
ينبغي على كل الخبراء الأقتصاديين والقيادات السياسية والتحالف العربي لاسيما السعودية والأمارات.. التآزر والتكامل والعمل المشترك الجاد والسريع لإيجاد أدق الحلول وأكثرها حكمة في مواجهة تداعيات تقرير الخبراء بشأن البنك المركزي بمايخلق حلا للمشكلة الإقتصادية واجتثاث الفساد والإبقاء على الحكومة وخلق بيئة وطنية ودولية لمواصلة مساراتها بشكل أفضل.
ينبغي الأخذ بالأعتبار بأن تقرير الخبراء أيضا يبشر بسقوط الحوثية داخل صنعاء من داخلها بسبب صراعات النفوذ والإنقسامات العميقة بين أهم قياداتها…وسقوط الحوثية فعليا أو معنويا في وقت تأزم وتعثر داخل الشرعية وأمام الحكومة سيجعل المشهد الوطني في حالة إرباك أكثر وخلط للأوراق لربما تعود جزء من هذه الفوضى لصالح هذه المليشيات.
وبالتالي فالمعركة اليوم هي معركة إعادة ترميم الشرعية واجتثاث الفساد بالأعتراف بكل الأخطاء والمشاكل ومواجهتها بالسياسات الحكمة وبأقل الخسائر والتكاليف وتعزيز تماسك الصف الوطني والأستخدام الأمثل للدعم والجهود الكبيرة للأشقاء في التحالف لإنجاح هذه المعركة الواحدة والمصير المشترك..بل حتى مع المجتمع الدولي الذي أصبح يرى بأن الحوثية إرهابا حقيقيا.